You are in:Home/Publications/تشكيل لغة الذات مدخل لتشكيل الهوية الثقافية

Prof. Salah Eldeen AbdElkader Mohamed :: Publications:

Title:
تشكيل لغة الذات مدخل لتشكيل الهوية الثقافية
Authors: صلاح الدين عبد القادر
Year: 2012
Keywords: الهوية الثقافية - تشكل لغة الطفل - جان بياجية - اللغة - التواصل
Journal: العلوم الاسلامية العالمية - المملكة الاردنية
Volume: العلوم الاسلامية العالمية - المملكة الاردنية
Issue: المؤتمر الدولى - جامعة العلوم الاسلامية العالمية - المملكة الاردنية
Pages: 16
Publisher: المؤتمر الدولى - جامعة العلوم الاسلامية العالمية - المملكة الاردنية
Local/International: International
Paper Link: Not Available
Full paper Salah Eldeen AbdElkader Mohamed_langauge & I.D.docx
Supplementary materials Not Available
Abstract:

مقدمة: التواصل هو العملية التى تضمن تبادل المعلومات والمشاعر والأفكار والمعتقدات بين البشر ويتضمن التواصل الوسائل اللفظية وغير اللفظية (13 :16-17 )؛(27 :3 ) والتواصل الإنسانى تفاعل اجتماعى ولذا فإنه أحد أشكال السلوك الاجتماعى(2 :16-17). وأداة التواصل المحورية للإنسان هي اللغة، لذا فقد شغل بال العلماء عدد من الاسئلة حول، كيف يفكر الطفل؟ وكيف يتكلم؟ بل كيف تتشكل لغته ؟ وتحاول الأبحاث كل يوم أن تجيب ولو جزئياً عن هذه التساؤلات، حتى فى الصيحات الجديدة لعلم النفس العصبي، قدمت إجابات عن الحدوث ولكن لم تقدم إجابات عن التكوين، إن معظم الأبحاث تشرح وتفسر لغة الطفل بعد حدوثها، ولكن السؤال الأصعب لماذا تصدر هذه اللغة؟ وكيف تشكلت؟ و للأسف فإن معظم البحوث فى اختبار وتقييم عقل الطفل تتم وفق الضوابط و المعايير التى يقاس بها عقل الراشد، وذلك جرياً وراء المنطق الزائف للعلمية والموضوعية، فغلبت على هذه الأبحاث لغة المنطق لا لغة علم النفس. فهل من العلمية فشئ أن نختزل النمو المعرفي والعقلي للطفل فى صورة حاصل جمع وهمى لما يعرف باختبارات الذكاء فى لحظة طرح لفظى لبعض الاداءات التى من الممكن أن تتأثر بعدد لا حصر له من العوامل المؤثرة فى القياس، ولكن وفق منطق زائف من الموضوعية يتم تجاوز أجمل ما فى الانسان وهو داخله ليتم الاهتمام بخارجه، فى تجاوز متعمد بموضوعية هشة. ومن هنا كان اهتمام البحث الحالى بالسعى لفهم وتفسير تشكيل لغة الذات لدى الطفل وكيف تكون هذه اللغة مدخلاَ لتشكيل هويته، ما الضرورة النفسية التى لابد من التأكيد عليها كي يتعلم الطفل لغته الأم (في حالتنا اللغة العربية) لغة أمه وأبيه وأخوته, لغة عائلته وأقرانه، لغة مجتمعه، تلك اللغة التى سوف تكون مستقبلاً الوعاء الناقل لعبادته ومناجاته لخالقه، تلك اللغة التى سوف تحمل شجونه ومعاناته، طلبه ورجائه، لخالق السماء، فى ترنيمة العشق الألهى ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب. الآية مشكلة الدراسة: وتتبلور مشكلة الدراسة في التساؤلين التاليين: السؤال الأول: هناك علاقة ارتباطية بين لغة الفرد وبين هويته الثقافية؟ السؤال الثاني: هل تشكيل لغة الذات للفرد تؤثر في تشكيل هويته الثقافية؟ إطلالة تنظرية: تتعدد نظريات النمو المعرفي، ولكن الدراسة الحالية سوف تنطلق في إطارها النظري من تفسيرات نظرية جان بياجيه للنمو المعرفي، وذلك للأسباب التالية: فهى أول نظرية تقوم بدراسة النمو المعرفي بمنحى كلينيكى وذلك باعتمادها علي منهج الملاحظة، بالإضافة إلي أنه وعلي تعدد النظريات التالية عليها إلا أنها تظل صاحبة قامة شامخة للآن شاهدة على مصداقية كثير من أطروحاتها وتفسيراتها، كما أن النظريات التالية عليها انطلقت من أطروحاتها وتفسيراتها إما بالتأييد أو بالإضافة ومن ثم فهى نظريات تخرج من رحم نظرية بياجيه. إن مصادر المعرفة عند بياجيه هى: البيئة المادية والنفسية والاجتماعية والثقافية والمثيرات الخارجية وظروف التعلم (رمزية،19)، والمعرفة إما معرفة صورية أو معرفة إجرائية (رمزية،13)، ومستويات المعرفة عند بياجيه هى أربعة مستويات لنمو المعرفة وتطور النمو العقلى للفرد: المرحلة الحسية الحركية (من الميلاد حتى سنتان)، مرحلة ما قبل الاجرائية أو ما قبل العمليات (من سنتان حتى سبع سنوات)، المرحلة العينية أو الإجرائية المحسوسة (من سبع سنوات حتى أثناعشر سنة)، وأخيراً المرحلة الإجرائية الشكلية أو الصورية (من سن الثالثة عشر إلى ما بعد ذلك) (رمزية،15-16) . ويرى بياجيه أن نمو الطفل من الطفولة المبكرة حتى الرشد يتم على مراحل متميزة و مسلسلة ولكل منها خصائصها، وتختلف كل مرحلة عن سابقتها فى خصائصها العامة وتكون الفروق فى تلك الخصائص فروقاً كيفية (نوعية) لا كمية فى الأبنية و التراكيب المعرفية، وتمثل هذه المراحل تتابعاً واحداً ثابتاً فى حياة كل فرد، وكل مرحلة من مراحل النمو كل منظم، بمعنى أن لها خصائص تنتظم فى كل منظم ومنفرد، فاستجابة الفرد لموقف معين فى مرحلة معينة من مراحل النمو المعرفى الأربع ليست استجابة محددة بمثيرات هذا الموقف والألفة به، أو باستجابة فى مواقف سابقة مشابهة، وإنما هى استجابة نشأت عن تنظيم التفكير (رمزية،22-23) . ولهذا فبياجيه يرى التعلم حالة خاصة من حالات النمو (رمزية،22)، ولا يكفى الطفل لاكتساب المفاهيم الجديدة عمليات تعميم الاستجابات والمثيرات وإنما يتضمن كل مفهومٍ جديد عملية استدلال ما(رمزية،25) . ويرى بياجيه أن كل خبرة يكتسبها الطفل هى نتيجة لتفاعل الاستجابة لمثيرات الوسط الثقافية والاجتماعية مع نتيجة الحوار الداخلى الناتج عن عملية الموازنة وما ينشأ عنها من استدلال (رمزية،26) تشكيل اللغة. يتم نسج عقل الطفل علي نولين مختلفين أحدهما فوق الاخر، وأن ما ينسج منه في النول الأسفل، في السنوات الأولى من حياة الطفل، أهم بكثير مما ينسج بعد ذلك. فهو من نسج يد الطفل ذاته إذ يجتذب إلى نفسه، في غير ما نظام و إذ يبلور حول حاجاته كل ما يمكن أن يشبعها و يرضيها. هذا ما يسمى مستوى الذاتية Plau de la subjectivite مستوى الرغبات و اللعب والنزوات، أما النسيج العلوى فعلى العكس من هذا، تصوغه البيئة الاجتماعية رويداً رويدا، وهى تفرض نفسها على الطفل تدريجياً كلما تقدم به العمر، وهذا هو مستوى الموضوعية Plau de la objectivite ، مستوى اللغة، والأفكار المنطقية، ويكون أول الأمر من الرقة و الهشاشة، فلو حمل فوق طاقته لأنثنى فتصدع فانهارت فهوت عناصره فاختلط بعضها مع عناصر المستوى الأسفل، بينما يظل بعضها الآخر فى منتصف الطريق، معلقاً بين السماء و الأرض. ومن هنا وجب التنبيه أن النمو اللغوي للطفل لا يجرى فى مستوى واحد، ذلك لأن لكل واحد من هذين المستويين منطقه الخاص به. و يرى بياجه أن فكر الطفل وسط بين الفكر الاجترارى والفكر المنطقى للراشد. وبالتالى فإن بياجيه لا ينظر إلي مشكلة عقل الطفل على أنها مشكلة كمية، ولكن ينظر إليها من ناحية النوع. و هناك تباين بين فكر الطفل وفكر الراشد، ففكر الراشد فكرٌ مكيف للمجتمع، أى أن الراشد يفكر تفكيراً اجتماعياً، وهناك صورة ذهنية تلازمه طيلة عمله ومن ثم يخضع تفكيره للضبط الاجتماعي. أما تفكير الطفل دون سن السابعة فهو فكر مركزى الذات ولا يشغل نفسه إذا كان كلامه مفهوماً من سواه، فهذا فى نظره مسلم به، لأنه لا يفكر فى غيره وهو يتكلم، بل يناجى نفسه، فالطفل يفكر ويتكلم بأسلوب مركزى الذات، حتى ولو كان فى جماعة. وتفسير ذلك يرجع إلى سببين: أولهما: أن الحياة الاجتماعية المتصلة لا أثر لها بين الأطفال الذين هم دون سن السابعة أو الثامنة من العمر، ثانيهما: أن اللغة الاجتماعية الحقة للطفل، أى اللغة التي يستخدمها في نشاطه الأساسي، وهو اللعب، هي لغة اشارات وحركات وإيماءات، بقدر ماهى لغة ألفاظ (بياجيه،2001، 66). التفكير الاجتراري ويتميز التفكير الاجتراري autistique أو (التفكير غير الموجه)، بأنه يجرى في مستوى غير شعورى، أى أن الأهداف التى يرمى إليها و المشكلات التى يحاول حلها، لا تكون ماثلة في ذهن المفكر (الطفل)، ثم أنه تفكير غير مكيف للواقع، بل يخلق لنفسه عالماً من الأخيلة والأحلام كما ينزع إلى ارضاء الرغبات، لا إلي تقرير ماهو حق وصواب، وهو بعد ذلك تفكير فردى صميم، لا يمكن نقله وتوصيله كما هو عليه، بطريق اللغة، فمطيته المختارة هى الصورة الحسية. ولابد له من طرق غير مباشرة ليفصح عن نفسه، فهو يلتجئ إلي الرموز والأساطير ليستثير بها المشاعر التى تسوقه وتوجهه (بياجيه،2001، 66). التفكير المعقول (التفكير الموجه): يجرى التفكير الموجه في المستوى الشعورى، أى أنه يرمى إلي هدف يكون ماثلاً في ذهن المفكر(الراشد)، ثم إنه تفكير معقول، أى أنه مكيف للواقع وأنه يحاول التأثير فيه، كما أنه عرضة للثواب و للخطأ (الصواب التجريبي أو الصواب المنطقي)، ويمكن نقله وتوصيله يطريق اللغة (بياجيه،2001، 66). وهذان الطرازان من التفكير، ولو أنهما صنوان فى نشأتهما، لا ينفصلان حتى اثناء تأدية وظيفتيهما، إلا أنهما يخضعان، مع هذا، لمنطقين مختلفين، فالتفكير الموجه كلما ترقى زاد خضوعه لقوانين الخبرة و المنطق بالمعنى الدقيق، أما التفكيرغير الموجه (الاجترارى) فعلى خلاف هذا، إذ يخضع لمجموعة من قوانين خاصة به (قانون الرمزية، قانون الارضاء المباشر .. الخ) (بياجيه،2001، 66). ومن هنا فإن الفكر الموجه قادر على التزيد من استخدام المدركات العقلية، بفضل اللغة التى تربط الفكر بالألفاظ، وما ذاك بالتحديد، إلا لأنه يتكيف للمجتمع باضطراد. أما التفكير غير الموجه (الاجترارى) فيظل موثقاً بالصور الحسية، والنشاط العضوى، بل وبالحركات نفسها، وما ذاك بالتحديد، إلا لأنه يبقى فردياً صميماً(بياجيه،2001، 71). إن قابلية الفكر للنقل أو استعصائه علي النقل، ليست صفة تضاف إلي الفكر من خارج، بل صفة تمسه في صميم تكوينه، وأثرها عميق فى تشكيل التفكير(بياجيه،2001، 76). فالطفل يخترع و ينسج من خياله، ولا يبالى بأن تكون روايته موضوعية، لأنه لايزال رازحاَ تحت مركزية الذات، ولا يشعر بحاجة إلي أن يتصل بغيره من الناس، أو إلي ان يفهم ما يقولون (بياجيه،2001، 164). ولكى ينتقل التفكير من التفكير الاجترارى إلي التفكير العقلي يمر عبر أنبوب التفكير الجُملي (جُملية التفكير) بتكويناته، الجُملية اللفظية، وجُملية الاستدلال (التفسير)، وجُملية الفهم (لمزيد من التفاصيل يراجع بياجيه،2001، ص ص 165- 201) إن طلائع التكيف الاجتماعى للفكر ما بين السابعة والثامنة من العمر (بياجيه،2001، 95)، ويحدد ذلك جملة من العوامل أهمها الفروق الفردية، والبيئة المحيطة، والخصائص الجبلية والوراثية، ودرجة النضج، وعمليات التعلم. وظائف اللغة. يبدو أن وظيفة اللغة عند الطفل، كوظيفتها عند الراشدين، هى نقل أفكار الفرد إلي الغير، ولكن المسألة ليست بهذه البساطة، فالراشد أصبح مسيطراً على لغته يطوعها كما شاء تقريراً أو إخباراً أو تبليغاً، فالراشد يستطيع أن يستخدم اللغة لتحريك العواطف واستثارة الفعل، كأن يقول "لنذهب" ؛ "ما أجمل هذا" و تتعدد استخدامات اللغة لدى الراشدين وصولاً لتطويع اللغة فى السياق الاجتماعي، ويفتح هذا المجال للحديث عن تعدد وظائف اللغة وعدم قصرها على نقل أفكار الفرد إلي الغير فقط، ويمكن تصنيف وظائف اللغة عند الطفل إلي، اللغة المركزية للذات، واللغة المكيفة للمجتمع (لمزيد من التفاصيل، بياجيه،2001، ص ص 27- 77). الهوية. تنطلق هذه الدراسة نظريا، من خلال إلقاء الضوء علي الهوية الذاتية, حيث تنصهر الهوية الذاتية فى الهوية الوطنية او ما يسمى هوية الجماعة (Beth, 2000:2)، فهناك أنا ذات مفردة, وتعني هوية ذاتية، وهناك أنا بمعني أنا اجتماعية تتولد عبر الوسط الاجتماعي والثقافي، ومن ثم تصبح هناك هوية اجتماعية, وهوية ثقافية (Eric Erikson،1967) و يري (Eric Froom,1955) أن الحاجة إلي الهوية, من الحاجات الأربع الضرورية التي يسعى الفرد إلي إشباعها كي يشعر بالتوافق(حنان الطيب, 1991 ، 70)، وهو ما عبر عنه (حامد زهران ,2003) بأزمة الهوية عند شرحه للنمو الاجتماعي عند اريكسون، و طرح ( Glasser, 1998) الحاجة إلي الكينونة Belonging والتي تشمل الانتماء والهوية كحاجة الإنسانية الأساسية فى مقدمة الحاجات الإنسانية الأساسية الخمس, وتؤكد هذه الأدلة علي مدي أهمية دراسة الهوية الذاتية للفرد, قبل الشروع لدراسة أى هوية أخرى لديه, ويحسب لاريك اريكسون, أنه عندما صاغ تصوره عن النمو الاجتماعي (1964), قد عنون المرحلة الخامسة "هوية الذات في مقابل تشتت الذات"ego-Identity Vs Role confusion حيث تبدأ هذه المرحلة بالتساؤل التالي من أنا؟, ومن المفترض أن تنتهي نظرياً بإجابة إيجابية واضحة, وبهذا تتم عمليات المرحلة, من خلال اختزال معبر البحث عن الهوية علي النحو التالي: فإما أن كل شئ "تمام" أو دونها تشوش الدور والرموزRole confusion . تعريف الهوية الذاتية: تعرف الهوية الذاتية فى التراث النفسي على أنها: - تقييم الفرد لذاته وتقييم الأخريين له (Erikson , 1969). - وتعني الانتماء (نادية حسن , 1982) ؛ (سهير لطفي , 1984) - وأيضا تعني الواعي بالذات وبالآخرين (Goddenson , 1984) - وكذلك تعني التشابه والمماثلة ( O' connor,1969 )؛ ( عادل الأشول,1987 ). - وتعني أيضا التمييز عن الآخرين (Hookins , 1991).( نقلا عن عصام حسين , 1991). الهوية الثقافية. إن الهوية الثقافية هي حجر الزاوية في تكوين الأمم لأنها نتيجة تراكم تاريخي طويل ، يعززه التراث والثقافة واللغة والدين ، وتحديدها مطلب هام وحيوي ، وعلى المجتمع أن يدرك بوعي حقيقة هويته الثقافية التي تحمل بصماته وتؤكد وجوده وتشكيلة ( ابتهاج عبد القادر ، 1998 : 158) فالهوية الثقافية تعنى معرفة الفرد لذاته خلال توحده مع السمات الثقافية المشتملة على جوهر العادات ، القيم ، العقائد ، السلوكيات ، الإيديولوجيات ، طرق الحياة التي تتصف بها جماعة من الناس ونظام المفاهيم المتوارثة التي تعين الناس على الاتصال ، ويظهر أثرها في سلوك الفرد ، وتحيد طريقة تفكيره ، واختباراته وأهداف حياتة ( ابتهاج عبد القادر ، 1998 ، 52)، و يشير بونى penny (1997) إلى أن التباينات الثقافية شئ قائم يستحيل تذويبه حتى في المجتمعات متعددة الثقافات والعرقيات (في إبراهيم عيد ، 2000 ،38) ولذلك فان التحام الهوية الثقافية بالهوية الوطنية هو التحام اللحمة بالسداه (والتعبير للهيتى ،2001) ولذا فكثير من الدراسات تتناول الهوية القومية وكأنها تتحدث عن الهوية الثقافية مثل بسام الطيبى، بوغالى، الهيتى، قدري حفني، عبد الرحمن الغريب، عبد الواحد علوانى (مجلة الطفولة والتنمية، 2001)؛( إبراهيم عيد ، 2000) إن الهوية الثقافية بذاتها ليست معطى نهائيا مكتمل الصورة، ولا هو مفهوم محدد تماما، بل إن الهوية تنطوي على عناصر متفاعلة وأحيانا متناقضة وهى كثيرة التشابك والتعقيد، ومع هذا فهي وجه يمكن التعرف عليها من قسماتها الأولى، فالهويات تتكون بوعي وبغير وعى وتلعب في ذلك التكوين، عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودينية، بالإضافة إلى العوامل الاثنوجرافية (الهيتى ،2001 ، 153-154) ففي دراسة عبر ثقافية، للمقارنة بين الهويتين البريطانية والبولندية ، أثبتت الدراسة وجود هوية بولندية قومية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ وان لها مكونات اثنوجرافية وابستمولوجية تستند إلى الثقافة، والأرض، والتاريخ، والعوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كل ذلك على الرغم من سنوات الشيوعية التي عاشتها بولندا، ولكن لم تصمد في النهاية أمام إصرار البولنديين على العودة إلى جذورهم القديمة وكذلك أثبتت الدراسة وجود هوية بريطانية قومية تتمتع بخصائص متفردة (Beth , 2000) وكشفت دراسة أوسيرمان Oyserman و ساكوموتوSakamoto (1997) عن وجود هوية آسيو- أمريكية لها طابعها الفريد والمميز كهوية ثقافية وعرقية تضرب بجذورها في عمق التاريخ وتستمد مقوماتها من الحضارة الصينية القديمة وذلك عند دراستهما للهوية الآسيو- أمريكية لمواطني الولايات المتحدة الأمريكية من جذور آسيوية، ويؤكد نفس المعنى دراسة روثمان Rotherman (1998) و دراسة ريني Rhinney (1998). (في إبراهيم عيد ،2000، 24-32) فإذا أضفنا إلى ذلك ، ملاحظة أن كثير من الدراسات في هذا المجال تستخدم مصطلح stigmatized groups لوصف الأقليات العرقية داخل المجتمع الامريكى والمصطلح بهذا الشكل ينطوي على صيغة التحقير لهذه الأقليات ويترجم ذلك أيضا المعاناة التي تعيشها الجاليات العربية الآن بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 وفى دراسة عن السكان الأصلين لأمريكا قامت بها ويفرweaver (1998) وجدت أن المشكلة المحورية لهؤلاء السكان، إحساسهم بتجاهلهم في التاريخ الامريكى المكتوب، ومن ثم إحساسهم بان لهم هوية ثقافية تختلف عن الهوية الثقافية الأمريكية، ومن ثم تكشف هذه الدراسة عن مقدار التباين الموجود في النسيج القومي الامريكى (في إبراهيم عيد ،2000 :23) وفى دراسة ديجك Dijk (1997) أسفرت النتائج عن ولاء السيدات الافروامريكيات للهوية العرقية والثقافية للوطن ألام أفريقيا، وذلك على الرغم من إظهار الانتماء لكل الرموز والمعتقدات والأساطير الامريكية(في إبراهيم عيد ، 2000: 37). إن رواية أليكس هيلى Alex Hilly المعنونة الجذور"The Roots " ، كشفت عن"حلم العودة" كحنين كامن ما يزال ينبض داخل كل أفريقى أمريكى سواء كان مُهجراً أو مهاجراً. ولقد انتهى بونى penny (1997) إلى نتائج تشير إلى أن تطور الهوية العرقية له مردود على وعى الفرد بهويته الثقافية ( في إبراهيم ، 2000،38) ويؤيد ذلك بيركوفيتز Berkowitz و بارينجتون Barrington (1998) بقولهما، لقد حاول المجتمع الأمريكى، وهو مجتمع متعدد العرقيات، أن يصهر هذه العرقيات المتباينة في بوتقة واحدة، بيد أن الانصهار لم يكن كليا ( إبراهيم عيد ، 2000، 37). دور عامل اللغة في تشكيل الهوية الثقافية كشفت دراسة ابتهاج عبد القادر (1998) على عينة مصرية من طلبة وطالبات المدارس الثانوية باللغة العربية ومدارس اللغات، ضعف الهوية الثقافية لدى طلاب مدارس اللغات مقارنة بطلاب مدارس العربية، وان طلاب مدارس اللغات يعيشون صراعا أكثر حدة، بين ثقافة لغة الوطن ألام (العربية) وثقافة اللغة الأجنبية (الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية)؛(ابتهاج عبد القادر ،1998، 164) وفى نفس السياق، كشفت دراسة أرلين Arlene (1997) عن نفس الصراع عند طلبة جزيرة بورتريكو الذين يضطرون لتعلم اللغة الإنجليزية، حيث أنها لغة العمل والاختلاط بالمجتمع الامريكى، وفى نفس الوقت هناك الرغبة الملحة للحفاظ على الهوية الثقافية والوطنية بتعلم اللغة الأسبانية و كذلك اللغة المحلية vernacular ( في إبراهيم عيد , 200 : 31 – 34 ) فيحدث بسبب ذلك صراعا ثقافيا يؤثر على تشكيل الهوية الوطنية. وأيضا كشفت دراسة دولورزDolores و إلبرتس Alberts (1998) أن الهوية الثقافية الوطنية تستند إلى ثوابت جغرافية طبيعية، وأبنية معرفية، وتوجهات اجتماعية، واتجاهات وتحيزات سياسية، وان هذه الثوابت قد تتصف بالمرونة والقدرة على التعايش مع طبيعة العصر الكوكبي (في إبراهيم عيد ، 2000 ، 35 ) وفى دراسة بيث Beth عبر الثقافية (2000) أوضحت الدراسة دور العوامل الاثنوجرافية ، والابستمولوجية والمظاهر الثقافية والسياسية والاجتماعية ، وأهمية التاريخ القومي وتمجيد الأبطال القومين في تشكيل الهوية الوطنية للمجتمعات. ومن الدراسات السابقة تستنتج الدراسة أن اللغة تساهم في تكوين(تشييد) الهوية الثقافية. ويؤكد اللغويون على العلاقة الوثيقة بين اللغة والهوية، لأن اللغة هي بمثابة الوعاء الذي تتشكل فيه الهوية، ومن ثم تجعل لكل مجتمع كيانه الثقافي والحضاري الذي يميزه عن سائر القوميات والهويات الأخرى. واللغة العربية لغة ذات رمزية وقدسية فهى لغة القرآن إنا أنزلناه قرأناً عربياً الأية ،. فاللغة العربية هى أداة التواصل بين كافة الأقطار العربية، فالأمة العربية تتميز بأنها وحدة لغوية قبل أن تكون أى وحدة أخرى. وقد برهنت اللغة العربية على قدرتها عبر التاريخ على تمثل وهضم واستيعاب كل العلوم والفنون والآداب (بركات محمد مراد، 2008). مظاهر الهوية الثقافية يتم تناول الهوية الثقافية على كونها ظاهرة " اتصالية " تعتمد على اللغة، والرموز اليومية، وأن هذه المظاهر الرمزية تختزل في عالم الناس الواقعي، ثم يتم انتقالها إلى الأجيال بحيث تصبح شيئاً مألوفا في حياتهم، وبحيث تصبح هذه الرمزيات في النهاية فعل تجميعي للهوية. ومن مظاهر الهوية الثقافية أيضاً، اللغة القومية، أساطير الأمم، معتقداتها، المعالم البارزة فيها (مباني - استادات) المناسبات التاريخية التي تحمل لحظات المجد، النصب التذكارية (مثل الجندي المجهول)( بيتر تيلور ، كولن فلنت ، 2002) ؛ Sakamoto Koremaru, 1999) ( ومنها تبنى قيم المجتمع، والتزى بالملابس ذات الطابع القومي، والتعبيرات اللغوية الدارجة (قدري حفني ، 2001، 124) ويضاف كذلك، ارتداء الرموز المعبرة عن الهوية مثل ( الأيقونات، الكوفية) ، تشجيع الفرق الرياضية ، الاعتزاز بالجنسية (www.ualberta.cu ) وكذلك تظهر الفنون الرموز القومية، مثل الرقصات والموسيقى الشعبية (عايدة حسن ، 1999) وكذلك احتفاء الأمم بالفنون التشكيلية قديمها وحديثها كتعبير عن الاصالة. النتائج: السؤال الثاني: هل هناك علاقة ارتباطية بين لغة الفرد وبين هويته الثقافية؟ السؤال الثالث: هل تشكيل لغة الذات للفرد تؤثر في تشكيل هويته الثقافية؟ و للإجابة عن السؤال الأول: هل هناك ضرورة نفسية لتعلم اللغة الأم للفرد؟ فقد أوضحت نظرية النمو المعرفي لبياجية أن التعلم حالة خاصة من حالات النمو، ولا يكفى الطفل لاكتساب المفاهيم الجديدة عمليات تعميم الاستجابات والمثيرات وإنما يتضمن كل مفهومٍ جديد عملية استدلال ما. وبالتالى فإن كل خبرة يكتسبها الطفل هى نتيجة لتفاعل الاستجابة لمثيرات الوسط الثقافية والاجتماعية مع نتيجة الحوار الداخلى الناتج عن عملية الموازنة وما ينشأ عنها من استدلال، و من ثم تتولد الضرورة ال ومن جماع ماسبق يتبين لنا أن الفرد إذا ما تشكلت لديه لغته الذاتية عبر قنواتها المشروعة، وتشبع مروره بتلك القنوات تشبعاً دالاً، يستطيع أن يشكل هويته الذاتية دونما معوقات تعرقل هذا التشكل، فالتواصل عبر الذات بلغته الأم (اللغة العربية) يفسح الطريق للتواصل مع بيئته التى حوله بكل مكوناتها دون عوائق، وفى نفس الوقت فتوافقه مع معطيات بيئته توافقاً دينامياً يعرف حدود الذات ضمن حدود الكل (المجتمع) ودونما إخلال بالعرف والقانون، بل أن هذا التوافق يخلق لديه احساس بالثقة وإدراك بالتمييز، دونما انتقاص لتمييز ثقافة الآخرين وعندها تتشكل هويته الثقافية، ولكن كمعطى نهائي دينامى قابل للتفاعل مع للآخرين فى تكيف واع، إنه التكيف الذى يحترم الآخر لأن الآخر أيضاً ذات تملك مقومات الوجود، مثلما يملك هو، ومن هنا يكون التعامل مع الآخر دونما انبهار أو صدمة، ولكن فى ضوء أنا أملك ما أعتز به والآخرين كذلك. ان النمو اللغوى لدى الطفل يعطيه اثابة داخلية وفى نفس الوقت ويعطيه القدرة على التواصل مع الاخرين سواء اكانوا من سنه اخوته و اصدقائه او من الراشدين المحيطين به خاصة الحميمين منهم و الذين يرتبط معهم بعلاقات لاغنى عنها مثل الاب والام ، والهوية الثقافية دينامية أى أنها ليست قالبا جامدا تستطيع قياسه بوصفه نسقا مستقرا، ولكنها في حقيقتها تخضع لعمليات نمو وتغير من خلال التجربة المنفردة (Berak well, 1983: 5)؛( الهيتى ،2001) توصيات: إذا وضعنا أيدينا على كيفية تشكيل اللغة و التفكير لدى الطفل أمكننا وضع مناهج لتعليم وتدريس اللغة و الهوية الثقافية على أسس علمية سليمة وخاصة وسائل الإعلام التى تطرح القضايا وفق اجتهادات المسئولين بها وهم غى الغالب بعيدين عن مجال الأبحاث العلمية - الاستعانة بالمتخصصين العلميين و اللغويين و التربويين عند كتابة المادة العلمية أو الإعلانية و التدريسية أو الغنائية أو الفيلمية - إطلاع علماء اللغة و التربية على نتائج بحوث اللغة التى تجرى فى علم النفس، وذلك للاستفادة من تلك النتائج فى التدريس أو صياغة النصوص الموجهة خاصة تلك الموجهة للطفل. المراجع: - بركات محمد مراد (2008). اللغة العربية وتشكيل هوية الطفل العربي، مجلة الواحة، مجلة فصلية العدد (49). - جان بياجيه (2001). اللغة و الفكر عند الطفل، ترجمة أحمد عزت راجح، الطبعة الثانية، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية.

Google ScholarAcdemia.eduResearch GateLinkedinFacebookTwitterGoogle PlusYoutubeWordpressInstagramMendeleyZoteroEvernoteORCIDScopus