جاء البحث بعنوان: "النحو الوظيفي وتضافر مستوياته في الخطاب القصصي في القرآن الكريم" ويتناول بالدرس نظرية النحو الوظيفي وهي نظرية لسانية تستخدم اللغة على أنها أداة للتفاعل الكلامي بهدف إجراء علاقات تواصليه تكمن وظيفتها الأساسية في تفسير الكيفية التي ينتج بها المتكلم الأفعال الخطابية بأشكالها المختلفة منذ المرحلة الأولى من إنتاجها حتى تحققها النهائي، ويتم ذلك في مستويات ثلاثة كلها ذات طبيعة لغوية: المستوى العلاقي، والمستوى التمثيلي، والمستوى البلاغي.
وتعد اللغة في الانموذج المتوكلي جزءا مدمجا في القدرة التواصلية لمستعمل اللغة الطبيعية؛ وعلى هذا الأساس يكون التفاعل الاجتماعي باستعمال لغة طبيعية شكلا للنشاط التعاوني المركب بين المستويات الثلاثة بقواعد وضوابط تحكمها؛ ولتحديد طريقة التفاعل بين هذه المستويات يتطلب الأمر الإجابة على أسئلة ثلاثة وهي:
في أي وقت يمكن أن تعمل كل المستويات معا، ومتى لا يمكن أن تعمل إلا البعض منها؟
ما هي وظيفة كل مستوى؟
هل المستويات كلها متساوية من حيث أهميتها أم هي محكمة من حيث الطبقات القائمة بينها
هناك حالات تستدعى استغلال جميع المستويات في تأويل عبارة لغوية ما ليتمكن المخاطب من فهم بعض أنواع الجمل فهما تاما. أما من حيث أهميتها فيطبيعة الحال فإن المستويات لا تتساوى فيما بينها من حيث ضرورة استخدامها. فإذا كان حضور المستوى العلاقي ضروريا بالنسبة للخطابات ذات الطبيعة الحوارية فإن المستوى التمثيلي والبلاغي لهما أهميتهما لاسيما في الخطابات السردية، أو يكاد يصيبه الضمور أو يمكن الاستغناء عنه في بعض الانماط الخطابية الأخرى؛ وعليه فإن النحو الوظيفي يعنى بكيفية استخدام اللغة، وبقيمتها الاتصالية إذ يستند إلى البعد التداولي للغة، بوصفها وسيلة تواصل.
واقتضت طبيعة البحث أن تأتي في قمسين مصدرة بمقدمة، أوضحت فيها الخطوط التمهيدية، والآليات الإجرائية لموضوع الدراسة، وأهميته الأسباب العلمية التي دفعت الباحثة لمعالجته، والمنهجية المتبعة في دراسته، وتقسيمات الفصول المتصلة بالبحث؛ حيث تضمن القسم الأول الجانب النظري، وتضمن القسم الثاني الجانب التطبيقي وانقسم كل قسم منهما إلى فصلين: ثم خاتمة تضمنت أهم نتائج البحث.
القسم الأول الجانب النظري
الفصل الاول النحو الوظيفي (رؤية منهجية)
يستعرض أهم المفاهيم الأساسية للنظرية ومبادئها العامة والجهاز الواصف لها وتوسيع دائرة إجرائيته بتحقيق مفهوم الكفاية التفسيرية بأنواعها الثلاث المرتبطة بـالمفاهيم الأساسية لنظرية النحو الوظيفي.
الفصل الثاني النمذجة في نظرية النحو الوظيفي وتطور هندستها
يستعرض هذا الفصل أهم ما أفرزته نظرية النحو الوظيفي من نماذج تختص بارتباطها بمفهوم الكفاية التبليغية المتضمنة لثلاث كفايات رئيسة: الكفاية النمطية، والتداولية، والنفسية، والتي تشكل درعا فاعلا لها؛ مما ترتب عن ذلك تأسيس خمسة نماذج لنظرية النحو الوظيفي نحو النموذج النواة(1978) والنموذج المعيار(1989)، النموذج نحو الطبقات القالبي للمتوكل (2003).
القسم الثاني: الجانب التطبيقي
الفصل الأول تضافر الوظائف التركيبية والدلالية والتداولية في القصة القرآنية
حاولت الباحثة في هذا الفصل الكشف عن مختلف وظائف نظرية النحو الوظيفي تنظيريا وتطبيقيا، وبيان قيمتها في تحليل النصوص ومعالجتها؛ لتقديم تصور أكثر دقة وشمولا للجملة وارتباطها بمختلف العلاقات التي تحكم التراكيب اللغوية المختلفة.
الفصل الثاني: التعالق الخطابي وتضافر مستوياته في القصص القرآني
فقد خصصت الباحثة هذا الفصل لاستثمار مدى انطباقية نموذج نحو الطبقات القالبي في مجال تحليل الخطاب الحواري في القصص القرآني، وتسخير آلياته واستثمار نتائجه وتمحيص مدى كفايته على المستوى الإجرائي في القرآن الكريم، حيث يتم فيه الكشف عن مدى استجابة القصص المطولة لتحليل الأنماط الخطابية المتباينة التي تؤول إلى بنية خطابية عامة ثابتة قوامها ثلاثة مستويات المستوى العلاقي، والمستوى التمثيلى، والمستوى البلاغي.
وقد أثمر البحث في الوصول إلى نتائج عدة يمكن إجمالها على النحو التالي:
• دراسة الخصائص الوظيفية للقدرة التواصلية في البنية الخطابية النموذج التي تؤدي إلى فاعلية البنية التحتية في الخطاب الحواري، لما تضيفه من سمات جوهرية بارزة في تبليغ المراد وتوصيله.
• تهتم نظرية النحو الوظيفي بدراسة العلاقة بين النسق اللغوي واستعماله؛ لتحقيق أغراض تواصلية مختلفة، بحيث تحدد شكل البناء اللغوي؛ لكونها محكومة بقواعد ومعايير تستجيب للوظيفة التواصلية.
• تعد الوظائف الدلالية والتداولية وظائف كلية لجميع اللغات، بينما تعد الوظائف التركيبية وظائف غير كلية؛ لذا تقلصت إلى وظيفتين فقط هما الفاعل والمفعول.
• غنى المستويين التداوليين العلاقي والبلاغي معا في الخطاب القصصي، ومرد هذا الوضع أننا إزاء خطاب موجه تداوليا وهو الخطاب الحواري الذي يتميز عن باقي الأنماط الخطابية الأخرى بنمط خاص من الاستمرارية القائم على التناوب الحواري. الذي يعد خاصية تفاعلية إذ يتميز الحوار بأبعاد خطابية تحكمه شروطاً وضوابط، وتضمن نجاحه، وعلى المشاركين فيه احترامها.
|