إنطلاقاً من أهمية الدور والتنمية البشرية ، وإنعكاساً لتوجهات وتحديات العصر الحديث والذي من أبرز مميزاتة التقدم العلمي والتطور التكنولوجى المستمر والمتسارع ، وإتساع المعارف الإنسانية التي أثرت في جميع جوانب الحياة ، فقد برزت أهمية وضرورة إعادة النظر في أنماط التعليم التقليدية السائدة لمواجهة متطلبات القرن الحادي والعشرين وتحدياته ، ومن خلال إيجاد بيئات تعليمية ثرية ومناسبة تتيح للمتعلم فرص إكتشاف الخبرات والمعارف من مصادر متنوعة ومتعددة عن طريق التفاعل المباشر، والمشاركة الإيجابية لكي يستطيع الطلاب التكيف ومسايرة هذه التطورات والتحديات المستمرة في جميع المجالات.
ومما لاشك فيه أن أفضل أنواع التعليم ذلك التعليم الذي يولد التشوق للبحث والحصول على المعرفة ويجعل العملية التعليمية أكثر متعة وأكثر حيوية مع قليل من المحاضرات التقليدية وكثير من المشاريع والقراءات والاطلاع في تعلم يتمركز حول المتعلم لا المعلم.( 13 : 17 )
إن فكرة التعلم المقلوب تستند في أساس تكوينها إلى مفاهيم مثل : التعلم النشط ، وفاعلية الطلاب ومشاركتهم ، وتصميم مختلط للدرس ، وإذاعة أو بث للمحتوى التعليمي ، وأهمية التعلم المقلوب تكمن في تحويل وقت الفصل بشكل عمدي إلى ورشة تدريبية يمكن من خلالها أن يناقش الطلاب ما يريدون بحثه وإستقصاء حول المحتوى العلمي ، كما يمكنهم من إختبار مهارتهم في تطبيق المعرفة والتواصل مع بعضهم البعض أثناء أدائهم للأنشطة الصفية وخلال وقت الفصل يقوم المعلمون بوظائف مماثلة لوظائف المدربين أو المستشارين أو الموجهين، وتشجيع الطلاب على القيام بالبحث والأستقصاء الفردي والجهد الجماعي التعاوني الفعال، وبمعنى آخر فما يتم عادة إنجازه في الفصل يقوم الطالب بإنجازه في المنزل وما يتم عادة إنجازه في المنزل من تدريبات وتمارين وأنشطة ينجز في وقت الفصل. ( 26: 37)
وللتعلم المقلوب إيجابيات عدة فهو يساعد المعلم على الاستغلال الأمثل لوقت المحاضرة، ويسمح للطلبة إعادة الدرس أكثر من مرة بناءاً على فروقاتهم الفردية، كما يعزز دور المعلم كمحفز ومساعد وموجه ومستشار الطلاب ، ويدعم العلاقات الإنسانية بين الطلاب والمعلم من ناحية وبين الطلاب أنفسهم من ناحية أخرى، ويشجع على الاستخدام الأفضل للتقنية الحديثة في مجال التعليم ليتحول الطالب إلى باحث عن مصادر معلوماته ، كما يعزز التفكير الناقد والتعلم الذاتي وبناء الخبرات ومهارات التواصل والتعاون بين الطلاب.(14 :26)
ويُعد التعلم المقلوب في إطار الصفوف المقلوبة (المعكوسة) نموذج تربوي يرمي إلى استخدام التقنيات الحديثة وشبكة الإنترنت بطريقة تسمح للمعلم بإعداد الدرس عن طريق مقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط، ليطلع عليها الطلبة في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور المحاضرة في حين يُخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع والتدريبات. ويعتبر الفيديو عنصرا أساسيا في هذا النمط من التعليم حيث يقوم المعلم بإعداد مقطع فيديو مدته ما بين 5 إلى 10 دقائق و يشاركه مع الطلبة على أحد مواقع الـويب أو شبكات التواصل الاجتماعي.
|