مع مطلع القرن الحادي والعشرين زاد الاهتمام بظاهرة الإبداع والابتكار، وتعالت الأصوات المنادية بضرورة الاهتمام الدراسات المرتبطة بهما، واحتلت قضية الابتكار مؤخراً أهميةً خاصةً؛ حيث أصبح التكرار والتشابه لا قيمة لهما، كما وأن الحلول التقليدية للكثير من المشكلات الحالية غير مُجْدٍ، وقد كان لهذا الموضوع صدى بالغاً في مجتمع المكتبات والمعلومات والقائمين عليه.
وقد تمثلت إشكالية هذه الدراسة في العزوف عن المكتبات العامة، والعزوف عن مطالعة مصادر المعلومات بهذه المكتبات على وجه الخصوص، مما شَكَّل تحدياً كبيراً لهذه المؤسسات العريقة، الأمر الذي دعا لمحاولة إيجاد حلول ابتكارية لمواجهة هذا العزوف.
لذا هَدَفَتْ هذه الدراسة بشكل أساس إلى الوقوف على واقع الخدمات والأنشطة الاجتماعية المقدمة بالمكتبات العامة مجتمع الدراسة، وذلك من أجل اقتراح نموذج لبعض الأنشطة الاجتماعية غير التقليدية، والجاذبة والمُحَفِّزَة على ارتياد المكتبات العامة، ومن هنا تمثلت أهمية الدراسة في كونها ستقدم نموذجاً لأنشطة اجتماعية مبتكرة.
من أجل ذلك تناولت الدراسة أدوار المكتبة العامة فيما يتعلق بالتعليم، والتعليم مدى الحياة، والتنمية الاقتصادية، والديمقراطية، ثم أشارت لخفوت الدور التعليمي للمكتبات العامة، ومن ثَمَّ أهمية التركيز على الدور الاجتماعي لها، ثم حصرت نماذج للأنشطة الاجتماعية المقدمة بالمكتبات العامة مجتمع الدراسة، وبعدها أشارت الدراسة لحاجة المكتبات العامة الماسَّة للابتكار الاجتماعي، ثم ختمت بذكر نماذج للأنشطة الاجتماعية الابتكارية كنموذج يمكن أن تحتذي به المكتبات العامة العربية.
وكان من أهم نتائجها وجود مؤشرات للابتكار بالمكتبات العامة العربية، تمثل ذلك في توفير عشرات من الأنشطة الابتكارية، مثل: المعماري الصغير، و"الإعلامي الصغير"، و"تطبيقات الطاقة الشمسية"، و"التصوير الفوتوغرافي"، و"تصوير الفيديو"، ورش: المشغولات الجلدية، والرسم بالخيوط، والكروشيه، وكورس الموسيقى من البداية للاحتراف، وكورس الرسم من البداية للاحتراف، ودورة كيف تصبح مترجماً محترفاً، ومهارات التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي، وكان لهذه الأنشطة الابتكارية الأثر الكبير في زيادة أعداد أعضاء وزوار المكتبات العامة، وأيضاً زيادة مواردها المالية.
لذا، كان من أهم توصيات هذه الدراسة قيام المكتبات العامة العربية بالتحول من التركيز على مصادر المعلومات، إلى التركيز على المستفيد، وتفعيل دورها الاجتماعي، وتقديم خدمات وأنشطة ابتكارية، ضماناً لوجودها واستمرارها، من خلال الخطط والاستراتيجيات، والتي يكون عمادها أخصائي المكتبات ذو الشخصية الابتكارية والمؤهل تأهيلاً مناسباً والمدرب على القيام بالأنشطة الابتكارية.
|
