مستخلص الدراسة
استهدفت الدراسة تحليل وقياس العلاقة بين الشمول الرقمي والشمول المالى وأهداف التنمية المستدامة في مسار التوجه العالمي والمصري نحو تقليل الفجوة الرقمية وضمان شمولية الرقمنة للجميع سواءاً أفراد أو مؤسسات خلال الفترة (2004- 2023)، وذلك لمحاولة التوصل إلى سياسات تدعم وتشجع وتعزز الشمول الرقمي والمالي لما لهم من أهمية بالغة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر في ضوء نتائج الدراسة. ولتحقيق هذا الهدف، قامت الدراسة على ثلاث فرضيات، وهي: يرجع ضعف الأثار التنموية لمستويات الشمول الرقمي والمالى على أبعاد التنمية المستدامة في مصر إلى التحديات والعوائق التي تواجه أبعاد كل منهما (الفرضية التحليلية)، وكذلك، توجد علاقة توازنية طويلة الاجل بين الشمول الرقمي و المالي وتحقيق أبعاد التنمية المستدامة فى مصر خلال الفترة( 2004-2023).وأخيراً، يمكن تعزيز وتحقيق شمولاً رقمياً ومالياً أكثر فعالية في مصر، من خلال العمل وفق مجموعة من الركائز الأساسية والدروس المستفادة من تجارب رائدة في هذا الشأن .
ولإختبار هذه الفرضيات، اعتمدت الدراسة على المنهج الاستنباطى والاستقرائي (الأداة الوصفية والأداة التحليلية). كما اعتمدت على الأسلوب القياسي لتقدير العلاقة بين كل من الشمول الرقمي (معبرةً عن أبعاده بمؤشر الجاهزية الشبكية ، نسبة الأفراد المشتركين في الانترنت كنسبة من السكان)، والشمول المالي (معبرةً عن أبعاده بعدد فروع البنوك التجارية، عدد ماكينات الصراف الآلى) كمؤشرات معبرة عن بعد الوصول المالى ، و(عدد ودائع الحسابات لدى البنوك التجارية) كمؤشر معبر عن بعد الاختراق المالى ، و(القروض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، والائتمان المحلي كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي) كمؤشرات معبرة عن بعد الاستخدام المالى وأبعاد التنمية المستدامة (باأبعادها الثلاث ،البعد الاقتصادي ممثلاً في معدل النمو الاقتصادي والبعد الاجتماعي معبراً عنه بقيم دليل التنمية البشرية والبعد البيئي معبراً عنه بمتوسط نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ) ، وذلك من خلال تقدير ست نماذج شملت متغيرات الدراسة، واستخدمت الدراسة أدوات المنهج القياسي ممثله في اختبار ديكي فولر الموسع، وإختبار التكامل المشترك ( جوهانسن)، ونموذج متجه تصحيح الخطأ ( VECM ) لكلاً من النموذج الثاني، الثالث، والنموذج الرابع والنموذج السادس، وتطبيق نموذج متجه الانحدار الذاتي لكل من النموذج الاول والنموذج الخامس، فضلاً عن إجراء العديد من الاختبارات التشخصية بهدف للتأكد من مدى ملائمة وجودة النماذج المستخدمة وخلوها من مشاكل القياس.
وتوصلت الدراسة في الجزء التحليلي، إلى أنه بالرغم من تطور المؤشرات المعبرة عن كل من أبعاد الشمول الرقمي والمالى بحيث صنفت مصر كثالث أفضل دولة تشهد تحسّنًا في مجال الشمول الرقمي في تصنيفات شركة رولاند بيرجر إلا أنه بمقارنة تلك المؤشرات والمتوسطات العالمية وتجارب دولية رائدة .تبقي مصرهي الأدنى من حيث مؤشر الجاهزية الشبكية بالمقارنة بالدول العربية حيث تأتي الإمارات والسعودية وقطر في المقدمة. علاوة على ارتفاع تكلفة الانترنت في مصر مقارنة بمستوى الخدمة المقدمة وارتفاع نسبة الأمية الرقمية. كما جاءت مؤشرات الشمول المالى متدنية بالمقارنة بدول تتشابه ومصر في مستوى الدخل إلا أنها حققت معدلات نمو في أبعاد الشمول المالى يعتد بها دولياً مثل جنوب أفريقيا وكينيا والبرازيل والهند والمغرب وتونس .وترجع الدراسة الحالية ذلك إلى التحديات التي تواجه أبعاد الشمول الرقمي والمالى في مصر، والتي تحد من دورهما التنموي في التأثير على أبعاد التنمية المستدامة، وهذا يعني قبول الفرضية التحليلية. كما توصلت الدراسة إلى أنه يمكن تعزيز العلاقة بين الشمول الرقمي والمالى والتنمية المستدامة في مصر من خلال مجموعة من السياسات والبرامج لتحسين بعد الوصول وبعد القدرة المالية ومحو الأمية الرقمية وأيضاً تطوير البيئة الداعمة لتحقيق الشمول الرقمي والمالى بما يؤتي ثماره من آثار إيجابية لتحقيق التنمية المستدامة بما يدعم رؤية مصر 2030.
كما توصلت الدراسة على المستوي القياسي إلى قبول فرضية الدراسة لكل من النموذج الثاني، الثالث، الرابع ، و السادس، والتي مفادها: توجد علاقة توزنية طويلة الأجل بين الشمول الرقمي والبعد الاجتماعي للتنمية المستدامة في مصر خلال الفترة (2004- 2023)، كما توجد علاقة توازنية بين الشمول المالي وكل من البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد البيئي للتنمية المستدامة في مصر خلال الفترة (2004- 2023). وعدم قبول فرضية الدراسة بالنسبة للنموذج الأول والخامس، والتي مفادها: عدم وجود علاقة توازنية طويل الأجل بين الشمول الرقمي وكل من البعد الاقتصادي والبعد البيئي للتنمية المستدامة في مصر خلال فترة الدراسة. وتم تفسير هذه النتائج في إطار الدراسة .
وفى ضوء ذلك، قامت الدراسة بعرض رؤية مستقبلية لتعزيز العلاقة بين الشمول الرقمي والمالى وأبعاد التنمية المستدامة من خلال تقديم مجموعة من السياسات والبرامج لتعزيز تلك العلاقة، في ضوء الدروس المستفادة من التجارب الدولية محل الدراسة .وأيضاً فى إطار استراتيجية البنك المركزي (2022-2025)،واستراتيجية االتنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 .إضافة إلى مراعاة ودمج أبعاد التنمية المستدامة عند تصميم منظومة التحول الرقمي من البداية لضمان شمولاً رقمياً ومالياً يحقق الأثار التنموية المستدامة المرجوة منها . وهذا ما يعني قبول الفرضية الثالثة، والتي مفادها: يمكن تعزيز وتحقيق شمولاً رقمياً ومالياً أكثر فعالية في مصر، من خلال العمل وفق مجموعة من الركائز الأساسية والدروس المستفادة من تجارب رائدة في هذا الشأن . واقترحت الدراسة في النهاية بعض الدراسات المستقبلي
|