الحمد لله الذي أنار قلوب عباده المتقين بنور كتابه المبين ؛ وجعل القرآن شفاء لما في الصدور وهدي ورحمه للمؤمنين ؛ والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين ؛ سيدنا محمد النبي العربي الأمين صلاة وسلاما دائمين إلي يوم البعث والنشور ؛ وعلي آلــه الطيبين الأطهار ؛ وأصحابه الهادين الأبرار ؛ ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
أما بعد .. فلا يزال القرآن الكريم بحرا زاخرا بأنواع العلوم ؛ يحتاج من يرغب الحصول علي لآلئه أن يغوص في أعماقه ؛ ولا يزال القرآن يتحدى مصــاقيع العلماء بأنـــه الكتاب المعجز يحمل بين دفتيه برهان كماله وأية إعجازه ؛ ودليل أنه من تنزيل الحكيم العليم وعلي كثرة ما كتب العلماء وألفوا في شتى العلوم سواء كانت متعلقة بالعلوم الشرعية أو بعلوم الدنيا والحياة إلا أن القرآن الكريم ما زال يبهر العقول ويحير الألباب بما فيه من الإشراقات الإلهية ؛ وبما هو كفيل لتخليص الإنسانية من شقاء الحياة .
واستهل فكري ابتداء بالحديث عن المال إذ هو عصب الحياة وثمرة جهد الإنسان في الحياة الدنيا . ولقد ولدت فكرة حب المال وجمعه مع بداية خلق الله للإنسان ؛ ومع ازديـــاد الخليقة وانتظامها في مجتمعات منظمة ما تعرف في العصر الحديث بالدول واختراع ما يعرف بالنقود لتسهيل معاملات الناس بعضهم البعض ؛ باتت الحاجة ملحقة بتدبير آليات ووسائل لحفظ الأموال فنشأت فكرة البنوك وتتوعد مسمياتها من بنوك تجارية ؛ واستثمارية وظهرت في الآونة الأخيرة ما يسمى بالبنوك الإسلامية . فالبنوك الإسلامية علامة بارزة مــــن علامات هذا العصر ؛ الذي يمكن أن يوصف في الجملة بأنه عصر الرغبة إلــي الإسلام ؛ والتوجه إليه فقد شقيت الشعوب الإسلامية تحت خيمة النظم الوضعية ؛ وعالجتها سنة الله التي لا تتبدل ولا تجاهل أحدا من البشر أيا كان انتماؤه وهويته .
وقد مرت علي الأمة الإسلامية فترات ظن فيها المراقبون أن قضية الإسلام قد اجتثت من جذور الرجال ؛ وأن بريق الحضارة الغربية قد استولى على قلوبهم وعقول المسلمين وأنهم شربوا من كأسها حتى الثمالة ؛ فلم يعودا يحملون لدينهم ولاء أو يعرفون الله حرمــــة . فقد واجهت هذه الهجمات دينا أكمله الله ؛ وحفظ كتابه من العبث والتحريف ورضيه لعباده دينا إلى قيام الساعة ؛ فكان لابد أن يكون هذا الدين أقوى من كل قوة في الأرض ؛ لأن الذي يحرســـه غالب لا يقهر ؛ قيوم لا ينام ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .
وتهدف هذه الرسالة إلى توضيح الدور الهام الذي تلعبه البنوك الإسلامية في مواجهة الأزمات المالية ؛ ودورها في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي ؛ ودورها أيضا في تشجيع الادخار والاستثمار . وتحقيقها لهذا الهدف . فسيتم تقسيم الدراسة إلــي أربع فصول رئيســية بخلاف المقدمة والخاتمـــة .
- الفصل الأول : التطور التاريخي للعمل المصرفي الإسلامي .
- الفصل الثاني : ما هية البنوك الإسلامية .
- الفصل الثالث : الأزمات المالية والاقتصاد الإسلامي .
- الفصل الرابع : دور البنوك الإسلامية في تجنب الأزمات الماليـــة وتخفيف التنمية الاقتصادية والاجتماعية . |
